-->

التأثير في قلوب وعقول المحيطين بنا (1)



في كتابه كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس، أشاد كارنيجي بإحدى الشخصيات البارزة في إدارة الأعمال بالولايات المتحدة خلال القرن العشرين، كان هذا الشخص هو تشارلز شواب، مدير شركة أندرو كارنيجي الكبرى للصلب الذي أصبح مدير الشركة الأمريكية للصلب، وهو أول شخص "يحقق دخلًا يقدر بنحو مليون دولار سنوياً، أي أكثر من ثلاثة آلاف دولار يومياً".  

تُرى ما سبب حصول رجلٍ كهذا على هذا المبلغ الكبير؟

هل كان أكثر خبرة وعلمًا في مجال صناعة الحديد من بقية المدراء التنفيذيين؟ هذا غير صحيح.

رجل الحديد مبتسم ومرن!

ما السبب إذن؟ تعالوا نسمع الإجابة من شواب نفسه، فقد أقر شواب بوجود كثيرين ممن يعملون في شركة كارنيجي للصلب أكثر منه علمًا وخبرةً بتصنيع هذا المنتج. لكن، على الرغم من ذلك، كان شواب يؤمن أنه يستحق أجره كله لأنه نجح في التعامل مع الأشخاص والاستفادة بأقصى ما عندهم، حينها قال شواب إنه كان يبتسم، وقالوا له إن بسمته تستحق مليون دولار أمريكي.

وبالبحث والتنقيب في تفاصيل حياة هذا الرجل، أوضح لنا كارنيجي أنه فعلًا يستحق، إنه رجل يتمتع بشخصيةٍ مميزة طرازٍ فريدٍ تؤهله لاستحقاق مليون دولار، لقد كانت شخصية شواب محبوبة وكان قادرًا على جعل الناس يحبونه وهذا سر نجاحه المبهر، وقد صعد هذا الرجل العامل في مجال الصناعة السلم من أوله؛ حيث تدرج شواب في الرتب والدرجات الوظيفية في شركة كارنيجي ستيل (كارنيجي للصلب)، من عاملٍ صغيرٍ إلى كبير عمال، وصولاً إلى ذراع أندرو كارنيجي الأيمن، ووصل في النهاية إلى منصب مدير الشركة في عام 1897م.

بعدها، وفي عام 1901م، عندما اشترى جي بي مورجان الشركة كلها وأنشأ يو إس ستيل (الأمريكية للصلب)، أول شركة برأس مال مليار دولار داخل البلاد، قام مورجان بتعيين شواب مديراً لها.

وقد لفت شواب اهتمام ديل كارنيجي لأول مرة في نوفمبر 1916م، عندما نشر مقالاً في المجلة الأمريكية بعنوان "النجاح بما لديك"، وقد كتب المدير الصناعي عن أهمية الأخلاقيات المكرسة للعمل، بالطبع، لكنه أكد حتى بشكلٍ أكبر على أهمية تحفيز الآخرين، وإرساء الشراكة، والحفاظ على الاتجاهات، والأوضاع الإيجابية، والاستفادة من المفاتن الشخصية.

الآن أصبح هذا القطب الصناعي والشخصية ذات المكانة والسلطة في الصناعة محور كتاب كارنيجي الأكثر رواجاً، ما السر في ذلك؟

لقد كانت شخصية شواب، وجاذبيته وقدرته على جعل الناس يحبونه وهذا هو سر نجاحه غير العادي، الطريف في الأمر أن بسمة شواب كانت أحد أهم السمات المؤثرة والمؤهلة لكونه مصدرًا للبهجة والسعادة لجميع المحيطين بها.

وبالإضافة إلى تلك البسمة، أظهر شواب موهبةً لينةً للتفاوض في المواقف البشرية الصعبة، وعندما كان أحد مصانع الحديد عنده أقل إنتاجيةً ولم يكن بمقدور مديره تحسين الأمور، لم يقم بتسريح المدراء التنفيذيين ولم يعنف العمال، بل زاد الإنتاج بسؤال كبير العمال المسؤول عن وردية الليل عن عدد الوحدات التي أخرجها، وكتب العدد بالطباشير على الحائط وبعدها مضى دونما تعليق، عندها شاهدت وردية النهار العدد المكتوب وأرادت أن تثبت قدرتها، لذلك تجاوزت الرقم المكتوب وكتب بالطباشير رقماً أكبر منه، بعدها ردت وردية الليل وبعدها بفترة وجيزة تحسن إنتاج المصنع بشكلٍ كبير... 

تااابع 

جديد قسم :

إرسال تعليق